إقامة الحفلات والسهرات الغنائية
السؤال :
أشيع في بعض المدن والمناطق إقامة الحفلات الغنائية والسهرات على سماع الأغاني والأهازيج الوطنية وغير الوطنية ، وإقامة المسلسلات والتمثيليات في مسارح بعض الأندية
الأدبية ، ويُدعى لها المطربون والمغنون والممثلون من كل مكان ، وأحياناً يكون الدخول فيها عن طريق تذاكر تباع ,أحياناً يكون الدخول مجاناً وبدون مقابل .
والسؤال يا فضيلة الشيخ : ما حكم إقامة هذه الحفلات والأمسيات وما حكم حضورها ومشاهدتها لأجل الترفيه عن النفس والترويح عنها ، وهل يجوز لي أن أشارك معهم في
مثل هذه الأغاني والأناشيد الوطنية ؟ أفتونا مأجورين حيث أن الأمر مشكل ؛ فمن الناس من يقول إن هذا لا بأس به وهو من قبيل الاستجمام والترويح ، منهم من يقول
بل هو محرم لا يجوز ، بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام.
الجواب :
الحمد لله
ينبغي على الجميع أن يتقوا الله وأن يراقبوه في سرهم وعلانيتهم ويعلموا أنه مطلع عليهم ولا يخفى عليه منهم شيء في الأرض ولا في السماء ، قال الله تعالى : ( وتزودوا
فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب ) أي : يا أصحاب العقول الواعية والقلوب الحية .. اتقوا الله واعملوا على إرضائه بالذي يعود عليكم نفعه في الدنيا
والآخرة . أما ما سوى أولو الألباب فهم الذين صرفوا همهم وعقولهم إلى ما يغضب الله تعالى .
وما سأل عنه السائل من إقامة حفلات غنائية وسهرات يُدعى لها مطربون مغنون وممثلون من كل مكان ، والدخول إليها مجاناً أو بثمن ، وحضور هذه الحفلات ومشاهدتها ،
أو المشاركة فيها أو دعمها أو تأييدها ، كل ذلك حرام لا يجوز ، لأن الله تعالى يقول : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليُضِلَّ عن سبيل الله بغير علم ويتخذها
هزواً أولئك لهم عذاب مهين ) .
وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - يُقْسِم بأن المراد به الغناء ، وهو بلا شك ولا ريب إضلال عن سبيل الله وبعد عنه بقتل الأوقات وضياعها . وعن أبي عامر وابن مالك
الأشعري - رضي الله عنهم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف .. " رواه البخاري ، ومعنى "
يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " : أن الأصل فيها التحريم ، وكلمة " ليكونن " تفيد ما سيكون في المستقبل ، والمعنى : أنه سيأتي أناس يستحلون ويبيحون
لأنفسهم ما كان محرماً من حر وحرير ومعازف " . وعن أنس رضي الله عنه مرفوعاً : " ليكونن في هذه الأمة خسف وقذف ومسخ وذلك إذا شربوا الخمور واتخذوا القينات وضربوا
بالمعازف " رواه الترمذي . ولا شك أن ما يجلب هذه العقوبات محرم بل كبير من كبائر الذنوب ولا حول ولا قوة إلا بالله . وقد نصّ العلماء المتقدمون كالإمام أحمد
- رحمه الله - على تحريم آلات اللهو والعزف كالعود والطنبور والشباب والرباب ، فمن باب أولى آلات اللهو في هذا الزمان والتي هي أشد فتنة مما كان عندهم - رحمهم
الله - ، وعليه : يحرم إقامة مثل هذه الحفلات الغنائية وليتق الله القائمون على ذلك وليتقي الله أولياء الأمور في أخذ أولادهم وأسرهم إلى هذه الأماكن ، وليعلموا
أنهم آثمون بذلك وسيسألون غداً عمّا فعلوه ، وليعلموا أن الترفيه والترويح عن النفس يكون في طاعة الله من حفظ لكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والصيام
، وزيارة الحرمين ، والجهاد في سبيل الله ، ونشر دين الله والدعوة إليه ، وغير ذلك من أعمال الخير والبر ، كما يحصل ذلك بالترفيه عن النفس بالأمور المباحة كتعلم
السباحة والرمي وركوب الخيل ، بالإضافة إلى ركوب البحر والذهاب إلى الحدائق والمنتزهات ونحوها ، مع مراعاة الآداب الإسلامية وتمثل الأخلاق الفاضلة ، وفق الله
الجميع لما في الخير والسداد وجنبنا أسباب سخطه وأليم عقابه ، والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
من فتاوى الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين.